الجمعة، 10 يونيو 2016

المدرسة التجريدية

المدرسة التجريدية
اهتمت المدرسة التجريدية الفنية بالأصل الطبيعي، ورؤيته من زاوية هندسية، حيث تتحول المناظر إلى مجرد مثلثات ومربعات ودوائر، وتظهر اللوحة التجريدية أشبه ما تكون بقصاصات الورق المتراكمة أو بقطاعات من الصخور أو أشكال السحب، أي مجرد قطع إيقاعية مترابطة ليست لها دلائل بصرية مباشرة، وإن كانت تحمل في طياتها شيئاً من خلاصة التجربة التشكيلية التي مر بها الفنان. وعموماً فإن المذهب التجريدي في الرسم، يسعى إلى البحث عن جوهر الأشياء والتعبير عنها في أشكال موجزة تحمل في داخلها الخبرات الفنية، التي أثارت وجدان الفنان التجريدي. وكلمة "تجريد" تعني التخلص من كل آثار الواقع والارتباط به، فالجسم الكروي تجريد لعدد كبير من الأشكال التي تحمل هذا الطابع: كالتفاحة والشمس وكرة اللعب وما إلى ذلك، فالشكل الواحد قد يوحي بمعان متعددة، فيبدو للمشاهد أكثر ثراء. ولا تهتم المدرسة التجريدية بالأشكال الساكنة فقط، ولكن أيضاً بالأشكال المتحركة خاصة ما تحدثه بتأثير الضوء، كما في ظلال أوراق الأشجار التي يبعثه ضوء الشمس الموجه عليها، حيث تظهر الظلال كمساحات متكررة تحصر فراغات ضوئية فاتحة، ولا تبدو الأوراق بشكلها الطبيعي عندما تكون ظلالاً، بل يشكل تجريدي، وقد نجح الفنان كاندسكي –وهو أحد فناني التجريدية العالميين- في بث الروح في مربعاته ومستطيلاته ودوائره وخطوطه المستقيمة أو المنحنية، بإعطائها لوناً معيناً وترتيبها وفق نظام معين. ويبدو هذا واضحاً في لوحته "تكوين" التي رسمها عام 1914 م، ويعتبر فن التجريد الزخرفي أحد الفروع الحديثة في الفن التجريدي وهو الفن التشكيلي الذي يعتمد على تجريد الأشكال الحقيقية أو الخيالية بإتباع أسلوب يميزه في الأشكال والألوان والخطوط مع التأكيد على أدخال الجانب الزخرفي والجمالي في لوحاته بحيث تعطي شكل ومضمون جمالي متكامل، وتصلح لوحاته للمتاحف والمعارض والمنشآت والقصور الخاصة للديكورات الداخلية وتتيح لمصمم الديكور الداخلي أو هاوي الفن أو المقتني أختيار اللوحات التي تتلائم مع ديكورات المكان الداخلي. ويعتبر الفنان التشكيلي العالمي / رأفت عدس هو مؤسس ورائد فن التجريد الزخرفي، حيث تتميز لوحاته بإتجاهين رئيسيين هو تجريد الأشكال وزخرفة الخطوط والألوان، وتتميز لوحاته بالألوان الصريحة مثل الأحمر والأصفر والأخضر والأزرق بجانب اللون الأسود والأبيض في تناغم جمالي تجريدي وزخرفي مع استخدام اللون الأسود في تحديد الأشكال في لوحاته، وتتميز لوحاته بالجمال الوظيفي حيث يمكن استخدامها في القصور والفيلات ومقارات المراكز العالمية الهامة بالتنسيق والتناغم مع الأثاث والديكورات في أعمال التصميم والديكور الداخلي لهذه المباني والقاعات.
كان التطور الآخر في تاريخ الفن في اتجاه بزوغ التيارات التجريدية والاستخدامات البارعة للخامات ومحاولات الاستقلال عن العالم الواقعى ؛على اعتبار أنه مصدر للموضوعات والأفكار .وتنشأ النظريات عن «الطاقة الدرامية » للخطوط الرأس-أفقية ؛[···]وهكذا توصلت التجريدية إلى النتيجة النهائية لتنقية [العالم الظاهرى] ؛كبداية لقطع الرابطة بين الفنان والواقع تدريجيا .[···]لقد شبه «فاسيلى كاندنسكى»[166-1944] أعماله في التصوير بالأعمال الموسيقية وكان يستخدم الألوان والأشكال المجردة وكأنها [أنغام] ؛وفى ذلك المجال تطورت تجاربه إلى أن تكشف لديه إمكانية الاستغناء عن الأشكال الطبيعية .[*]
ومن أشهر الفنانين التجريديين في مصر الفنان «'''محسن عطيه'''» .وقد أكد على ذلك المعنى الناقد الفنى «صلاح بيصار» حين كتب في مقالته بعنوان «من شفرات التجريد إلى مرافئ الدهشة» يقول: من بين قلةقليلة من فنانينا ··ظل الفنان محسن عطيهمخلصاً للوحة التجريد؛من بدايةالسبعينيات من القرن العشرين وحتى الآن؛مؤكدا على أن اللغة البصرية بما تحمل من رموز وما تعكس من خطوط وألوان وتراكيب وصيغ؛ تبدو في [شفرات تجريدية] قادرة على أن تنقلنا إلى مرافئ الدهشة ومنافذ الحلم ؛خاصة وأعماله فيها من رحيق الأشياء وسحر الأزمنة والأمكنة؛بل وبقايا عناصر من روح الحياةو[وشوشات النور للظلمة] وهمس الموجودات ،على الرغم من «التلخيص» الشديد و«الإيجاز» وا«لاختزا»ل.لقد بزغت معالم أسلوبه فترة السعينيات 1972-1976 وامتدت بمزيج من التعبيرية و التجريدية مع ومضات رمزية منذ اشتراكه في معارض جماعة «الدعوة للآخر»التى أقامت معظم معارضها في قاعات «أتيليه القاهرة» بوسط البلد. [··]وفى معرضه الذى أقيم بقاعةإكسترا على نيل الزمالك[···]فقد عمق محسن عطيه هذا الاتجاه إلى حد أن أصبح علامة من علامات فنه ينساب بالنغمات اللونية أشبه بدرجات السلم الموسيقى ؛[···]على اعتبار أن المذهب التجريدى في الرسم ، يسعى إلى البحث عن جوهر الشياءوالتعبير عنها في أشكال موجزة تحمل داخلها الخبرات الفنية.. أشكال رمزية تعانق الأسطورة..خاصةوالرمز[...] هو الصيغة المناسبة للتعبير عن الحقائق المجهولة مثلما أن الأسطورة تمثل استعارات من المظاهر الطبيعية ،من أجل أن تعكس العالمين الداخلى والخارجى.[**]
كان قد أعاد الفيلسوف «نيتشه»[1844-1900]بمفهومه عن [إرادة القوة]الاعتبار للجسدى في مقابل [الروحى] ؛ووجه قوة الإرادة الإبداعية نحو جمالية الجسد أما [ماليفتش][1878-1935]الذى تميز بفنه غير الشخصى-البسيط وغير المزخرف ؛فقد أراد تصوير مالا يرى[···]لقد عبر الفنان عن رغبته في أن تصبح الحداثة شكلاً لقوة الإنسان الذى يكرس طاقته من أجل خلق الأشكال الجديدة.[***]
المراجع:
[*]محسن عطيه؛اتجاهات في الفن الحديث ؛عالم الكتب ؛القاهرة 2006الصفحة 143
[**]صلاح بيصار؛ مقال بصحيفة القاهرة 2ابريل-2013
[***]محسن عطيه؛التجربة النقدية في الفنون التشكيلية ؛ عالم الكتب بالقاهرة 2011 الصفحة140


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

التسميات